أثارت حادثة اعتقال نحو مائتي شخص تجمعوا للاحتفال بيوم عاشوراء بولاية سيلانجور على أطراف العاصمة كوالالمبور في عملية نفذتها الشرطة قبل أسبوعين موجة جدل جديدة في ماليزيا الدولة الثرية بتنوعها العرقي والديني والطائفي.
وعبر المجلس الإسلامي للولاية عن قلقه البالغ إزاء تصاعد النشاط الشيعي في البلاد, وقال رئيس المجلس محمد خورسين مناوي عقب العملية في مقابلة متلفزة "إن المجلس رصد هذه التحركات منذ نحو عامين, وكانت هذه أكبر عملية ضد نشر تعاليم دينية منحرفة ومخالفة لقانون البلاد".
من جانبها أكدت مصادر إسلامية للجزيرة نت أن القيادات الإسلامية في البلاد سواء في الحكومة أو المعارضة "يبدون قلقا بالغا إزاء عدد من الفعاليات تروج للمذهب الشيعي في ماليزيا تُنفذ تحت لافتة مركز "أهل البيت" بعلم من السفارة الإيرانية وتستهدف فئة الشباب".
وأكدت المصادر -التي طلبت عدم الكشف عن اسمها- أن مثل هذه القضايا غير قابلة للتصعيد لحساسيتها وأن أفضل الطرق لحلها يأتي من خلال "الحوار المبني على الصدق والشفافية", وأشارت إلى أنهم تقدموا بملاحظات إلى المسؤولين الإيرانيين خلال زيارات قاموا بها لطهران وللسفارة الإيرانية بكوالالمبور.
وشددت المصادر على العلاقات القوية التي تربط البلدين, واعتبرت القيام بهذه الفعاليات مخالفة للقانون الماليزي, عدا عن كونها تشكل مصدرا لتأجيج الخلافات بين أتباع المذاهب الإسلامية, وقالت المصادر "نحن نرقب مثل هذه النشاطات منذ أكثر من عقد من الزمان".
نفي إيراني
من جانبها نفت السفارة الإيرانية في كوالالمبور علاقتها بمثل هذه الفعاليات, وأكدت أنها أصدرت بيانين دعت فيهما الرعايا الإيرانيين إلى "احترام القوانين والأنظمة المعمول بها في هذه البلاد, وممارسة الأنشطة القائمة على الوحدة والأخوة الإسلامية".
وأكد الملحق الثقافي في السفارة الإيرانية محمد حسن واحدي أن المجموعة الذين اعتقلتهم الشرطة الماليزية هم من المواطنين الماليزيين بالإضافة إلى إندونيسيين وباكستانيين وشخص إيراني واحد, وكلهم من أتباع المذهب الشيعي كانوا يشاركون في احتفال بمناسبة يوم عاشوراء, وأنهم لم يوجهوا أي دعوات لغيرهم من أتباع المذاهب الأخرى.
وشدد في حديث للجزيرة نت على "رفض جميع الشيعة والسلطات الإيرانية لأي نشاط من شأنه أن يفسد العلاقات القائمة بين الدول الإسلامية".
ونفى بشدة ما ورد في تقارير صحفية نشرتها وسائل الإعلام الماليزية التي تحدثت عن دعم السفارة الإيرانية لمثل هذه النشاطات, وحث الحكومة الماليزية على اتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على الآثار السلبية لهذه الادعاءات.
ونفى واحدي الأنباء التي تحدثت عن محاولات بعض الرعايا الإيرانيين لبناء "حسينيات" في ماليزيا. وقال إن هناك مساعي للسفارة الإيرانية لأخذ تصريح من السلطات الماليزية يسمح ببناء مسجد خاص بالشيعية, مشيرا إلى أن الأمر تم طرحة "بصورة غير رسمية مع مسؤولين ماليزيين".
حظر حكومي
من جانبها أعلنت الحكومة الماليزية على لسان الوزير في ديوان رئيس الوزراء جميل خير باهاروم أن ماليزيا تحترم أتباع المذهب الشيعي في بلادهم, لكنها لن تسمح بنشر هذه التعاليم داخل المجتمع الماليزي, "لأن ذلك يتعارض مع التعاليم الدينية التي يتبعها الشعب الماليزي".
وقال إن وجود طوائف إسلامية مختلفة في البلاد من شأنه "أن يهدد الإنسجام القائم بين فئات الشعب الماليزي, وأن يوتر العلاقات, وربما يؤدي في النهاية إلى إراقة الدماء".
وأوضح أن عمليات الاعتقال التي تمت تهدف إلى المحافظة على التناغم القائم في المجتمع الماليزي المسلم, "وأن أي نشاطات مشابهة تعتبر نشاطات محظورة وسيتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية ضدها لمنع انتشارها والسيطرة عليها".
من جانبه أعلن وزير الداخلية الماليزي هشام الدين حسين أن السلطات الماليزية ستتقصى معلومات من دول أجنبية عن الجماعة المسؤولة عن تشييع ماليزيين لضمان عدم تورطها في أنشطة إرهابية.
وقال "على الرغم من أن الأعضاء الشيعة الذين تم اعتقالهم بتهمة نشر تعاليم منحرفة لا يشكلون أي تهديد على الأمن الوطني, إلا أن الحكومة تراقب الوضع لضمان عدم شمول دعواتهم أي عوامل إرهابية".