من نحن: موقع السلام 48 لكل العرب ، هو موقع ومنتدى اخباري ، ترفيهي معلوماتي، الموقع الاول لقرية جت المثلث التي تقع في محافظة حيفا الإسرائيلية(قعر جبال نابلس) الذي يعرض ونقل لكم الاخبار بشكل آخر ويعرض لكم اهم واجدد الاحداث المحلية والعالمية والإخبارية والترفيهية والثقافية ويعرض لكم اجدد الافلام والمسلسلات والاغاني العربية وغيرها واسس هذا الموقع عام 2009 وقد حرص موقع السلام 48 طوال مسيرته إلى تقريب المسافات بين البلدان العربية وذلك بإجتماعهم في موقع لتبادل المعلومات العام والعالمية والمحلية. ويشارك في منتدى السلام 48 اكثر من 6000 عضو. ترقــــــــــبوا قريباً موقع السلام 48 على النطاق الجديد
موضوع: الصَّدقة -الشيخ احمد بدران 11/21/2010, 12:25 am
خطبة الجمعة في مسجد البيان، جت المثلث. الموضوع: الصَّدقة للشيخ الأستاذ احمد بدران. التاريخ: الجمعة 8-10-2010 الموافق 29 شوال 1431 ه.
{للإستماع إلى الخطبة} إضغط هنا الخطبة الأولى: إنَّ الحمد لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُهُ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدهِ الله فلا مُضلَّ له ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ سيدنا محمداً عبده ورسوله. أوصيكم ونفسي عباد الله بتقوى الله العظيم وطاعته، وأحذّركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره أو نهيه، لقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} (الجاثية:15). المال مالُ اللهِ تعالى أما بعد، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلّ قد قالَ في مُحكمِ كتابهِ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ...} (التوبة:111). فجعلَ اللهُ سبحانهُ وتعالى الجودَ بالمالِ والنَّفسِ في سبيلِ الله، طريقاً مؤدِّياً إلى رضوانِ اللهِ عزَّ وجلّ وإلى نيلِ الجنَّة. أما الجودُ بالنَّفسِ فأعظمهُ عندَ اللهِ عزَّ وجلّ الجهادُ في سبيل الله، وأنْ يُقتلَ المسلمُ في ميادينِ الشَّرف. وأمّا المال، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلّ قد حدَّدَ للمسلمِ كيفَ ينظرُ إلى المال، عقدياً: يؤمنُ المسلمُ بأنَّ المال هو مالُ اللهِ عزَّ وجلّ. وأنَّ اللهَ عزَّ وجلّ قد استخلفَ البشرَ فيه، قال الله عزَّ وجلّ: {... وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ...} (الحديد:7). فالمالُ مالُ اللهِ تعالى، استخلفَ فيهِ أبناءَ آدم عليه السلام، وقال اللهُ عزَّ وجلّ: {... وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ...} (النور:33). فالمسلمُ يؤمنُ بأنَ المال من اللهِ عزَّ وجلّ، وهو للهِ عزَّ وجلّ، وأنَّ ابن ادم مستخلفٌ في هذا المال زمن عيشهِ في هذهِ الحياةِ الدُّنيا. وأنَّهُ إذا أحسنَ استخدامَ هذا المال لعيشهِ حسبَ ما شرعَ اللهُ عزَّ وجلّ؛ فإنّ ذلكَ يؤدِّي بهِ إلى نيلِ رضوانِ اللهِ عزَّ وجلّ. وإنَّهُ - لا سمحَ الله – لو عمل فيه بغيرِ ما شرعَ اللهُ عزَّ وجلّ، ككسبهُ بطرقٍ غير مشروعة، أو أنفقهُ في مواضع محرَّمة، فربما أدّى بهِ ذلك إلى خسارةِ الدُّنيا والآخرة. ما نقصَ مالٌ من صدقة وقد شرعَ اللهُ تعالى للمالِ أحكاماً منها: النَّفقةُ الواجبة. كأنْ يُنفقَ المرءُ على نفسهِ أو على من يعول. ومنها الزَّكاة الواجبة. وشرعَ كذلكَ أحكاماً في بابِ الصَّدقةِ المستحبَّة. وحيال الصَّدقة تجد بعضُ النَّاسِ إجمالاً يبخلونَ بالمال. فيضعونَ إستراتيجية حسابية للتعامل مع المال في هذهِ الحياة الدُّنيا: يقولونَ لكَ، إذا ربحتُ عشرةَ شواقل وخزنتها وأغلقتُ البابَ عليها، أمكنَ أنْ تزدادَ مع الأيام فتصبح خمسةَ عشر وبعدها عشرين وبعدها ثلاثون.... وهكذا... فهو يُحسِنُ كنزَ المالِ وجمعهِ. ويرى الرِّبح والزيادة فيه أنْ يُمسِكَ هذا المال. كلَّما ربِحَ شيئاً أضافهُ لما عندهُ. وبعضُ النَّاس يرى الإستراتيجية معكوسة وهي إستراتيجية الإسلام. ما هي إستراتيجية الإسلام؟ أنْ يعملَ الإنسانُ في المالِ منفقاً منهُ في سُبُلِ الخيرِ التي شرعها اللهُ عزَّ وجلّ على وجهِ الوجوبِ أو النَّدبِ او الإباحة معتقداً أنَّ اللهَ عزَّ وجلّ إنَّما يَزيدُ مالَهُ بهذا الإنفاق لا بالإمساك، وأنَّ المالَ لا ينقصُ من الصَّدقةِ أبدا. وإنَّما يزيدُ كمَّاً ويزيدُ بركةً. والبركة قانون اقتصادي إسلامي غير موجود في الاقتصاد الرَّأسمالي. أي إذا ربحَ إنسانٌ منّا مئةَ شاقل، وأنفقَ منها عشرةً في سبيلِ الله، باركَ الله تعالى لصاحبِها التِّسعينَ الباقيّة وزادَ في هذهِ التّسعين أيضاً بعدَ ذلك. نسأل الله عزَّ وجلّ أنْ يجعلنا من أهلِ هذهِ الإستراتيجية الثَّانية. من فضل الصَّدقةِ وثوابها ذكرَ الله تعالى في ثوابها وفضلها عندهُ الكثير، وكانَ مما ذكرَ الله عزَّ وجلّ ورسولُهُ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم، ما جاءَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: ((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ [أي يوم القيامة، يقفُ يُكلِّمُ اللهَ تعالى كِفاحاً. بلا مترجم]، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ [أي ينظرُ العبدُ منا في ذلكَ الموقف يميناً فلا يرى إلا أعمالَهُ التي عمِلَها في الدُّنيا]، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ [أي إلى يسارهِ] فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ [أعمالهُ تحيطُ بهِ من اليمينِ ومن الشِّمال ونار جهنَّمَ أمامهُ]، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)). متفقٌ عليه. هذا الحديث، إخواننا، فيهِ دِلالة على أنَّ إنفاقَ المال مهما كان زهيداً ولو شِقَّ تمرة، يُمكن أنْ يقِيَكَ من عذابِ الله. حتى أنَّ العلماء ذكروا بعضَ السّابقين ممن كانَ يُنفقُ المالَ في سبيلِ الله، فإنْ لم يجد تصدَّقَ ببصلة. وحينَ سُئلوا قالوا: بأنَّ النَّبيّ الكريم قال "اتقوا النار ولو بشق تمرة". أي ولو بنصف حبَّة تمر. دليلٌ على إنَّ إنفاق المالِ في سبيلِ الله ولو حبَّة تمر يقي الإنسانَ من عذابِ اللهِ يومَ القيامة إنْ فعلَ ذلك خالصاً لوجهِ اللهِ سُبحانه. وحينَ ذبحَ آلُ بيتَ رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّم شاة أُهدِيَتْ إليهم، جاءَ النَّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم إلى أمِّنا عائشة رضيَ اللهُ عنها وعن سائرِ أزواجِ النَّبيّ عليهِ الصَّلاة والسَّلام، فقالَ النَّبيُّ لها: ((مَا بَقِيَ مِنْهَا؟ قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا، قَالَ: بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا)). هذهِ هي إستراتيجية المسلم. أي أنتِ يا عائشة أنفقتِ من هذهِ الشّاة ثلاثةَ أرباعها، هذهِ الثَّلاثة أرباع هي التي بقيت في الحقيقة. والرّبع الباقي هذا غير باقي.... لمَ؟ سيأكلهُ النّاس وسيذهب إلى المصارفِ التي تعرفونها. أما الثَّلاثة أرباع التي أنفقتِها في سبيلِ الله فتلكَ على الحقيقةِ هي الباقية؛ لأنَّها تبقى عندَ اللهِ عزَّ وجلّ مُدَّخرةً ليومٍ: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء:88-89). والصَّدقةُ تُطفئُ غضبَ اللهِ عزَّ وجلّ. وقد جاءَ في الحديث أنّ: ((صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ)). أي أنّها تمحو الخطايا والذنوب وتُزيلُ استحقاقَ العقاب عن العبد، إن كانَ مُستحِقّاً للعقاب. وذكرَ النَّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم في السَّبعةِ الذينَ يُظلُّهم اللهُ في ظِلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلا ظِلُّهُ، حينَ يقفُ النّاسُ خمسينَ ألفَ سنةٍ والشَّمسُ دانيةٌ من رؤوسِ النّاسِ على قدْرِ ميل، جعلَ من السَّبعةِ ((وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاهَا حتى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ)) متفقٌ عليهِ. والصَّدقةُ دواءٌ للأمراضِ أو للأدواءِ الجسميَّةِ والنَّفسيّة. وقد جاءَ في الحديث الضَّعيفِ أو الحَسَن: (دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ)). وإنْ كانَ معناهُ صحيحا. وحينَ شكا رجلٌ إلى النَّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم قسوةَ قلبهِ قالَ له: ((إِذّا أَرَدْتَ تَلْيِينَ قَلْبِكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ وَامْسَحْ عَلى رَأْسِ الْيَتِيمِ)) رواه الإمام أحمد. إذا أنفقتَ هذا المال، شيء من المال، في إطعام المسكين رقَّ قلبكَ إن شاءَ الله وخشعَ للهِ عزَّ وجلّ. والصَّدقةُ تدفعُ عن العبدِ البلاء: فمن أرادَ أن يتَّقيَ الأمراضَ بأنواعها، وحوادث السَّير بأنواعها، والكوارث والدّواهي بأنواعها، فما عليهِ إلا أنْ يُكثرَ من الصَّدقة. وقد مثَّلَ لذلكَ النَّبي صلّى اللهُ عليهِ وسلّم في بعضِ حديثهِ كما في وصيَّةِ يحيى عليهِ السَّلام لبني إسرائيل في حديثٍ طويلٍ ومنهُ: ((وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فإنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: أّنا أَفْدِيهِ مِنْكُم بالْقَلِيلِ وَالْكَثِير، فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُم)) كأنَّ الصَّدقة فِديةٌ للعبدِ من البلايا. كُلَّما تصدَّقَ أكثر، كلَّما فدى نفسهُ إن شاءَ الله، وفدى أهلهُ من المصائبِ. كذلكَ ينفعُ المتصدِّقَ عندَ اللهِ عزَّ وجلّ دعاءُ الملائكةِ لهُ. فقد صحَّ في الحديث أنَّهُ: ((مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ: أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا)). يدعو المَلَكُ الأولُ لمن يُنفقُ مالهُ في سبيلِ الله بزيادتهِ وإكثارهِ... ويدعو الآخرُ بإهلاكِ مالِ من أمسكَ مالَهُ. وفي النَّفقةِ والصَّدقة، انشراحُ القلبِ وطمأنينَتُهُ، ففي الحديث: ((مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ [أو في رواية جنَّتان - أي درعان من حديد] مِنْ حَدِيدٍ مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلَا يُنْفِقُ إِلَّا سَبَغَتْ أَوْ وَفَرَتْ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ [كلما أنفقَ مالاً في سبيلِ الله أكثر كلما ازدادَ هذا الدِّرعُ طولاً]، وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلَا يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلَّا لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَّسِعُ [كلَّما ازدادَ إمساكاً كلَّما ضاقَ عليهِ الدِّرعُ وأوشكَ أنْ يخنُقَهُ])) متفقٌ عليه. إخوتنا الكرام، اللهُ عزَّ وجلّ رزقنا من مالِهِ، وشرعَ لنا أحكاماً تنظِّمُ كيفيةَ إنفاقنا لهذا المال. حتى ننالَ بهذا الإنفاقِ سعادةَ الدَّارين. فمن عملَ في المالِ بشرعِ اللهِ عزَّ وجلّ، وضعَ المالَ إمّا في الواجبِ أو في المندوبِ والمستحب، أو حتى في المُباح، كانَ في سِعةٍ من اللهِ عزَّ وجلّ وفي زيادةِ مالٍ إن شاءَ الله وسعةِ رزق وانشراح صدر. ومن بخلَ بهذا المال: {... وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ...} (محمد:38). أسأل الله عزَّ وجلّ أن يُعينني وإياكم على إنفاقِ المالِ في ما شرعَ الله عزَّ وجلّ، إنَّهُ على ما يشاءُ قدير. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فيا فوز المستغفرين استغفروا الله. آثار المعاصي على الإنسان الخطبة الثانية الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فإنَّ أعدى أعداءِ الإنسانِ في دينِهِ كلِّهِ، وفي مالِهِ، المعاصي. المعاصي أعدى أعداءِ الإنسان خاصةً في مجال الرِّزق. فالمعاصي تُضيِّق الرِّزق. والاستغفارُ يَزيدُ في الرِّزقِ ويباركُهُ ويُضاعفهُ كما يُضاعفُ في ذلكَ الإنفاقُ في سبيلِ الله. ترَوْنَ من آثارِ المعاصي، قالوا: "جَلَسَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ بَيْنَ يَدَيْ مَالِكٍ [تعرفون الإمام الشافعي تلقى العِلمَ أيضاً من الإمام مالك بن أنس] وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ وُفُورِ فِطْنَتِهِ، وَتَوَقُّدِ ذَكَائِهِ، وَكَمَالِ فَهْمِهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى اللَّهَ قَدْ أَلْقَى عَلَى قَلْبِكَ نُورًا، فَلَا تُطْفِئْهُ بِظُلْمَةِ الْمَعْصِيَةِ". هكذا كانَ علماؤنا السَّابقون ينصحونَ تلاميذهم. عدوُّكَ في نور العلم: المعاصي فإنها تطفئُ هذا النَّور. وفي مسندِ الإمام احمد بن حنبل: " إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ". المعاصي توجد شعوراً في القلبِ بالوَحشةِ ما بينَ العبدِ وما بينَ اللهِ عزَّ وجلّ. بل وتجعلُ وَحشةً بينَ الإنسانِ وبينَ النَّاس. بل وتُشعِرُ العاصي بالذِّلةِ بينَ يديِّ النَّاس. مع أنَّهُ لا يُظهرُ ذُلاً ظاهراً. وربما قالَ بعضُ النَّاس، إنني أُذنبُ فلا أرى آثارَ هذهِ الذُّنوب والمعاصي. يُقال له: وضعكَ أخطر ممَّن يُذنبُ ويرى العقوبةَ للذَّنب. لماذا؟ لأنَّ الحديثَ صحَّ فيهِ أنَّهُ إذا رأينا اللهَ عزَّ وجلّ يُمهلُ أو يُملي للعبدِ وهو مقيمٌ على معاصيهِ فإَّنما هو استدراج. {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} (القلم:45). أي يُمهلكَ ثم يُمهلكَ ثم يُمهلكَ ثم يَقصمكَ الله عزَّ وجلّ قصما ما بعده من قيام. وهذا أنكى وأشدُّ عقوبة ممَّن يُعجَّلُ لهُ بالعقوبة. إخوتنا الكرام، إنَّ أعلى مراتبِ العبدِ في الدُّنيا أنْ يصلَ إلى ما وصلَ إليهِ محمدٌ بن عبد الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّم. {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا...} (الإسراء:1). إذا حقَّقنا في أنفُسِنا مقامَ العبوديَّةِ للهِ، الخضوعُ المطلقُ للهِ عزَّ وجلّ في كلِّ أمر، نكونُ إن شاء الله على طريقِ الأنبياءِ وطريقِ الأولياء الصَّالحين. ولذلك من المحاور الخطرة في زماننا كيفية التَّصرف بالمال كسبا وصلةً وإنفاقاً... من أخطرِ المجالات التي لا تكادُ تترك للنَّاسِ مرجِعاً أو طريقاً مستقيماً يصلونَ منهُ إلى الله عزَّ وجلّ. تعرفونَ كيفَ طغى أكلُ الحرامِ اليوم من أكلِ الرِّبا، أكل حقوق النَّاس... تعرفون: بعض النَّاس يقترض من أحدهم منذ سنة 1990م ولم يقض ما عليه إلى اليوم ونحن في 2010م! عشرون سنة. فهل توقف عندك الزمن؟!!! تقترض منه ثم تلقاه فتحيد عن طريقه لئلا يمر بجوارك. كثير من النَّاس تعطَّلت مصالحهم وربما خرِبَ اقتصادهم... وخارت قواهم المالية... لكثرةِ ما أقرضوا النَّاس وأعانوا النَّاس.. والنَّاس لا تعيد شيئاً لهم! ولا أقصدُ رجلاً بعينهِ... فأنا أتكلَّم بصورةٍ عامةٍ: من كانَ عليهِ منا دَيْنٌ لغيرهِ، فليسد دينه! أو يطلب من أصحاب الحقِّ إمهالا أو مسامحة. وخاصةً إذا كانَ الإنسانُ عازماً هذهِ السَّنةِ على أداءِ فريضةِ الحج. الدَّيْنُ أولى من الحجِّ يا أخي! أو أن تستسمح صاحب الدَّين. تقول له: يا فلان، لك عندي دَيْن وأنا نويت زيارة بيت الله الحرام فهل تأذن لي؟ فإنْ أذِنَ لكَ فاخرج، وإنْ لم يأذن لك فالأصل أنَّك لا تستطيع أن تخرُج اذا حان أجَل السداد. لا تستطيع الخروج إلى الحجّ وصاحب الدَّيْن لا يأذن لك! واخيراً، فإننا نُهيبُ بالإخوة الكرام الذين كانوا يسألوننا رغبةً منهم في إنفاقِ المالِ في سبيلِ اللهِ للمسجدِ أو لمشاريعِ المسجد المختلفة أو لحجّاجِ بيتِ الله الحرام... وعندنا كما تعرفون سنَّة طيِّبة - إن شاء الله في البلدِ- اتخذناها منذ سنين طوال، وهي تكريمُ وفدِ اللهِ عزَّ وجلّ إكراماً للهِ جلَّ جلالهُ. فمن أحبَّ من الإخوةِ أنْ يُنفقَ المالَ لمشروع حج هذا العام تقديم المعونة اليوم بعد صلاة الجمعة... إخوتنا الكرام، سمعتُ من بعضِ الإخوةِ أنَّ المباهلةَ التي تكلَّمنا عنها في الأسبوع الماضي ستكون اليوم السّاعة الثَّالثة عصراً في محطة الحكمة والوصال... المباهلة بين ياسر الخبيث وبين أحد علماء السَّنة. أسأل الله عزَّ وجلّ أنْ يُعِزَّ أولياءهُ المؤمنين... إنّ الله وملائكته يُصلُّونَ على النَّبيِّ، يا أيُّها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلُّموا تسليما... أدعية... --------------------------------------------------------------------------------