من نحن: موقع السلام 48 لكل العرب ، هو موقع ومنتدى اخباري ، ترفيهي معلوماتي، الموقع الاول لقرية جت المثلث التي تقع في محافظة حيفا الإسرائيلية(قعر جبال نابلس) الذي يعرض ونقل لكم الاخبار بشكل آخر ويعرض لكم اهم واجدد الاحداث المحلية والعالمية والإخبارية والترفيهية والثقافية ويعرض لكم اجدد الافلام والمسلسلات والاغاني العربية وغيرها واسس هذا الموقع عام 2009 وقد حرص موقع السلام 48 طوال مسيرته إلى تقريب المسافات بين البلدان العربية وذلك بإجتماعهم في موقع لتبادل المعلومات العام والعالمية والمحلية. ويشارك في منتدى السلام 48 اكثر من 6000 عضو. ترقــــــــــبوا قريباً موقع السلام 48 على النطاق الجديد
موضوع: طرق تحصيل السّعادة في الإسلام 9/29/2011, 1:28 am
إنَّ الحمد لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُهُ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدهِ الله فلا مُضلَّ له ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ سيدنا محمداً عبده ورسوله. أوصيكم ونفسي عباد الله بتقوى الله العظيم وطاعته، وأحذّركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره أو نهيه، لقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} (الجاثية:15).
إخوةَ الإسلامِ والإيمان. السَّعادةُ مطلبٌ لكُلِّ إنسان. يستوي في طلبِها المسلمُ والكافر. فما من إنسانٍ في هذهِ الدُّنيا - ذكراً كانَ أو أنثى - إلا وهوَ يسعى لتحصيلِ السَّعادةِ سعياً دائباً، بغضِّ النَّظرِ عن معرفتهِ لحقيقةِ هذهِ السَّعادةِ، أو معرفتهِ بالطّرق التي توصِلُ إليها. فمثلاً، في الغربِ يُعرِّفونَ السَّعادةَ بأنَّها المُتع المادِّيّة. فإذا ما نالَ الإنسانُ أكبرَ قدرٍ ممكنٍ منَ المُتعِ المادِّيّة الجسديّة وصلَ إلى السَّعادةِ بمفهومهم. ترَونَ كاتباً أمريكياً كتبَ كتاباً اسمُهُ المُترجمُ "دعِ القلقَ واستمتع بالحياةِ" ماتَ الكاتبُ مُنتحراً!
يظن كثير من الناس ان السعادة امر خيالي لا وجود له. والحقيقة أنَّ السَّعادة أمرٌ موجود ويُمكن أن يتحقَّق في حياة البشر بمجهودات غير معقَّدة. أمّا إذا ظنَّ الإنسانُ أنَّ السَّعادةَ هيَ نيلُ المُتعِ المادِّيّة فسيُجرِّبُ نيلها وربَّما إذا حصلَ عليها سيستنتجُ بعد جُهدٍ جهيد وعراكٍ طويل، أنَّهُ ما وصلَ إلى ما كانَ يتمنَّاهُ. يُحصِّلُ المُتع ولا تحصلُ السَّعادة... لأسباب كثيرة:
أولاً: لأنَّ السَّعادةَ ليست هي نيلُ المُتعِ المادِّيّة. وإنْ كانَ للمُتعِ الماديَّة نوعُ علاقةٍ بها، لكنَّها ليست السَّعادة. ولذلكَ قالَ النَّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم في الحديث الذي رواهُ الإمام البخاريُّ: ((لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلَا يَمْلَأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ)). هذا الحديث قاعدة في تحصيلِ المتعِ المادِّيّة. انَّ الإنسانَ مفطورٌ على حبِّ المالِ وحبِّ الشَّهوات، ومهما حصَّلَ منها سيظلُّ جائعاً إلى ما لم يحصِّلهُ منها. لذلك فإنه لن يشبع! فتحصيل المُتعِ بتحصيل الرَّغبات المادِّيّة في الحياةِ لا يُحقِّق سعادة... وإنْ كانَ يُمكنُ ان تعلل النفس بها إن كانت تلك الرغبات اماني، كما قالَ الشَّاعرُ:
أُعلِّلُ النَّفس بالآمال أرقُبُها ما أضيقَ العيشَ لولا فُسْحَةُ الأملِ
نعم. تُعلِّلُ النَّفس بالامال! فهو يُمنّي نفسهُ بالغد آملا ان يكون افضل...
السّعادةُ حالةٌ من الرّضا والطّمأنينة الدّائمة
إخواننا، السَّعادة ليست حالةٌ من حالات السُّرور قد تعتري الإنسان إذا نجحَ في الامتحان أو إذا نالَ مطلباً من مطالبِ الدُّنيا. السَّعادةُ التي نتحدَّثُ عنها كمسلمين هي: الشُّعورُ الدّائمُ بالطمأنينةِ الدائمة، والرِّضا الدّائم، والرّاحةِ الدّائمة التي يُمكن أن يمتلكها المسلم في لحظة ولا يفقِدُها أبداً لا في الدُّنيا ولا في الآخرة. وهذا أمرٌ ممكن تحصيلُهُ. وليس كما يظنُّ بعض الإخوةُ والأخوات أنَّها حالةٌ تُشبهُ أنْ تكونَ مستحيلةَ التحصيل. الصَّحيح أنَّها ممكنة التحصيل. لكنَّ النّاسَ كما قالَ الشّاعرُ:
ترجو النّجاةَ ولم تسلُك مسالِكها إنَّ السّفينةَ لا تجري على اليَبَسِ
يرجونَ النَّجاةَ ولا يسلكونَ طريقَها... يُريدونَ تحصيل السَّعادةِ لكنَّهم لا يسلُكون الطَّريق المؤدّي إلى نيلها. والسَّعادة لا تُنال إلا بالسَّعيِ إليها.
تُنال السّعادة بالتّقوى
كيفَ يُمكن أن تُنال السَّعادة؟
يقول الإمام ابن الجوزي: "ضاقَ بي امرٌ أوجبَ غمَّاً لازماً دائماً. وأخذتُ أبالغُ في الفِكرِ في الخلاص من هذه الهموم بكل حيله وبكل وجه فما رأيتُ طريقاً للخلاص. فعرضت لي هذه الآيه: {... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (الطلاق:2). فعلمتُ أنَّ التقوى سببٌ للمخرجِ من كلِّ غم. فما كانَ إلا أنْ هممت بتحقيقِ التَّقوى فوجدتُ المخرج".
إخواننا، في سورة الطّلاق تكرّرّت قضية التقوى عدة مرات. وإن كان ذكرها في سياق الطّلاق ولكن كما يقول علماء الأصول والفقه: العبرةُ بعموم اللفظ لا بخُصوصِ السَّببِ. أي هي نازلة في سياق الطَّلاق وأحكامهِ لكنَّ معانيها عامة. قال الله عز وجل: {... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا(2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ...(3)} (الطلاق:2-3). وقال: {... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (الطّلاق:4). ثم قال في الآيةِ التي بعدها: {... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} (الطّلاق:5). هذه النّصوص تُشعرُ بأنَّ التَّقوى التي هي التزامُ الأمرِ واجتنابُ النَّهي -أي طاعةُ اللهِ عزَّ وجلّ ورسولهِ في كلِّ أمرٍ ونهي- مسلكٌ يمكنُ أنْ يؤدّي إلى السَّعادةِ او الى شيء من مكوناتها.
يقولُ الله عزَّ وجلّ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النّحل:97). اي أنَّ الإنسانَ المسلم إذا آمنَ باللهِ عزَّ وجلّ الإيمان الصَّحيح، ثمَّ قامَ بالتزامِ الأعمالِ الصَّالحةِ منهجاً لهُ في حياتهِ فقد وعدهُ اللهُ عزَّ وجلّ أن يُحيِيهُ حياةً طيِّبة. فإذا ما فقدتَ السَّعادةَ فابحث في أمر الإيمانِ والأعمال الصَّالحة. فإنْ وجدتَ إيماناً مُضعضعاً... أو وجدتَ خللاً في الأعمال الصّالحةِ فاعلم أنَّ سببَ فقدانِ السَّعادةِ هو ما اعتراكَ من نقصٍ في الإيمان أو في الأعمال الصّالحة.
أما الإيمان الذي هو العقيدة.... وهوَ أهمُّ شيء في ديننا الإسلامي. فالعقيدةِ جاءت فيما جاءت له تٌفسِّرُ لنا الحياةَ الدُّنيا كلّها وما كانَ قبلها وما كانَ بعدها وتفسِّرُ لنا أحداثَ هذهِ الدّنيا. إذ قد يقولُ قائل: كيفَ يُمكنني أنْ أحصّلَ السَّعادة وأنا أتقلَّبُ يوماً غنياًّ ويوماً فقيراً... ويوماً آمناً ويوماً خائفاً... ويوماً معافى ويوماً مريضاً... هذا التَّقلّب كيف يُمكنُ معهُ أنْ يسعدَ الإنسان في الدّنيا؟
نقول له: اولاً، هذا تُفسِّرهُ العقيدةُ الإسلاميّةُ تفسيراً صحيحاً، فإذا ما بانَ لكَ هذا التَّفسير واعتقدتهُ إنقلبَ عندكَ الأسودُ أبيضا. كيفَ يحصلُ هذا؟ يحصلُ إذا أيقنتَ بقولِ رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ((عَجبًا لأمرِ المؤمِن، إنَّ أمرَه كلَّه له خَير، وليس ذلك لأحدٍ إلاَّ للمؤمِن؛ إن أصابته سراءُ شكَر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاءُ صبر فكان خيرًا له)) رواه مسلم. هذا الحديثُ الجليلُ، يُفسِّر لنا قضيةَ البلاءِ في هذهِ الدُّنيا. يُفسِّر لنا كلَّ ما نظنّهُ سالباً في هذهِ الحياة. يُفسِّر لنا الفقر، ويفسِّر لنا المرض بأنواعه، يُفسِّر لنا قلَّةَ المال، يُفسِّر المصائب التي تحلُّ بكَ من موتِ قريبٍ أو عزيزٍ، كبيرٍ أو صغير، والد أو ولد أو ما شاكلَ ذلكَ. يقول لكَ: أنتَ تعيشُ في دارِ ابتلاء. وهذهِ الدّار تُبتلى فيها بالخير والشَّر. تُبتلى فيها بما يسُرُّكَ وبما يسوئُكَ. فالقسم الأول الذي يسُرُّكَ... يؤدي إن شاء الله إلى سروركَ وراحتكَ. السؤال: ما تفسير النَّوع الثَّاني؟ يقول لكَ: هذا البلاء الذي يصيبك من الخير فيتلقاهُ المسلم بصبرٍ جميل.. ويعلم أنَّ الله عزَّ وجلّ ما ابتلاهُ إلا لرفعِ درجتهِ، وما ابتلاهُ إلا لتعظيمِ أجرِهِ، وما ابتلاهُ إلا ليُدخِلَهُ الجنَّة، وما ابتلاهُ بما ظاهره الشَّرِّ إلا وهو يُريدُ لهُ الخير. فإذا ما أدركَ المسلم أنَّ الخيرَ الآتي من الله خير، والشَّر - لا يُنسب إلى الله عزَّ وجلّ - كذلك خير... فيكون عندَ "الأبيضِ" راضيا وعندَ "الأسود" راضيا.
ان من أعظمِ نِعَمِ اللهِ عزَّ وجلّ على العباد، بعدَ نعمةِ الإسلام، البلاءُ الذي ينزلُ بالعبدِ المؤمن. وذلك لأنَ البلاء إذا نزلَ بالعبدِ المؤمن، محَّصَ اللهُ تعالى بذلكَ إيمانهُ واختبرَه. ما تفسيركَ لقولِ النّبيّ الكريم: ((قيلَ يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قالَ: الأنبياء فالصّالحون ثم الأمثل فالأمثل)). وأنَّ من حِكَمِ البلاءِ رفعُ الدّرجاتِ عندَ اللهِ عزَّ وجلّ. وبه تُكفَّرُ الذنوبُ والمعاصي. ولهذا المعنى يكونُ البلاءِ من أعظمِ نِعَمِ اللهِ على عبادهِ. إذ ما ظنُّكَ بأمرٍ من البلاءِ ينزِلُ بكَ ساعاتهُ قليلة محدودة، ومهما طالَ فإنَّهُ ينتهي بالموت، يؤدي بكَ بالتّالي إلى رضوانِ اللهِ عزَّ وجلّ. الأصل أن يستحي الأتقياءُ من طلبِ رفعِ البلاءِ عنهم لولا أنَّ الدُّعاء من العبادة. كلُّ ما ينزِلُ بكَ من اللهِ عزَّ وجلّ إنْ كانَ نعمةً فهو نعمة. وإنْ كانَ بلاءً فهوَ نِعمة. لأنَّهُ يُكفّرُ الخطايا ويرفعُ الدّرجات... المهم أنْ تثبتَ على الإسلام. هذا البلاء هو الذي يؤدّي بالإنسانِ إلى دخول الجنَّة. كانَ بعض الصّالحين يُبتلى بالمرض فيقال له: يا فلان أنتَ رجلٌ صالحٌ ألا تدعو الله عزَّ وجلّ أنْ يكشِفَ ما بكَ من مرض؟ يقول: "أحبّهُ إلى اللهِ عزَّ وجلّ أحبّهُ إليّ". فالمرضُ أصابني واللهُ تعالى يعلم وهو راضٍ عن ذلكَ. فأنا اكونُ راضياً. فإذا ما انقلبَ البلاءُ عندَ المسلم نِعمة، فإنّهُ ربما وصلُ إلى درجة من الإيمان تمنعهُ حتى من سؤال الله عزَّ وجلّ أنْ يكشف ما بهِ من بلاء. أسالُ الله عزَّ وجلّ لي ولكم العافية.
فأساس معادلةُ السّعادةِ: فهمٌ عن اللهِ عزَّ وجلّ لمرادهِ ممّا ينزلُ بالنّاس من خير أو بلاء. الإيمان يدفعُ الإنسانَ المؤمن إلى الرّضا بقضاءِ الله. يدفعُ الإنسانَ المؤمن إلى اعتقادِ أنّ "ما أصابكَ لم يكن ليُخطِئكَ وما أخطأكَ لم يكُن ليُصيبَكَ". يدفعُ الإنسان المؤمن إلى الرّضا بقضاءِ اللهِ عزَّ وجلّ. يدفع الإنسان المؤمن إلى أن ينظرَ إلى من هم خيرٌ منهُ في الإيمان كالأنبياء والصّالحين فيرى كم نزل بكل منهم من البلاء. تسأله: ما بال فلان يعتريه الحزن؟.. يقول لك: انه حزين لموت ولده! كم ولداً لنبيّكَ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم دفنهم بيدهِ الطّاهرة وهو خيرُ من دبَّ على هذه الأرض؟! كم صحابيّاً استُشهِد حالَ حياةِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم ودفنهم بيدهِ الطّاهرة... دفنَ يوم السّبت يوم أُحُد سبعينَ صحابيّاً واحداً تلو الواحد. مَن يُقتل منا من أصحابهِ سبعين تجدهُ في مصحّ نفسي!
إخواننا هذا البلاء من أجلِّ نِعَمِ اللهِ عزَّ وجلّ على العباد إنْ هم صبروا عليهِ وأحسَنوا فهمهُ وعلموا أنهُ من اللهِ عزَّ وجلّ ومن رضيَ فلهو الرّضا ومن سخط فله السّخط.
وتُنال السّعادة بالإحسان إلى العباد
ومن أسبابِ تحصيلِ السَّعادة الإحسان إلى العباد. وذلك لأنَّ الله تعالى يُجازي بالإحسانِ إحسانا. قالوا: جلسَ عالمٌ من العلماء أغناهُ اللهُ عزَّ وجلّ عند لحّام في إحدى بلادِ المسلمين. فجاءت امرأة مسكينة تلتقط فتات اللحم. فقال لها: ما تفعلين؟ قال: ليس معي من مالٍ يكفيني لشرائه ولَدَيّ أولاد أطعمهم.. وقد كانَ الرجل يُعاني من مرضٍ في القلب وقد اشترى تذكرةٍ للسفر إلى لندن للعلاج - قصة واقعية وليست خيالية - فقال للجزار: يا فلان! هذه المرأة تعطيها حاجتها من اللحم وانا أحاسبك. وقد جاء موعد السفر إلى الخارج... سافرَ الّرجل وحينَ وصلَ إلى المستشفى المقصود، أجروا له فحصاً فعجب الأطباء فسألوه: أينَ عملت عملية جراحية؟ أنتَ مُعافى! فعجِبَ الرجل. قد يقول أحد الجالسين هناك تفسير علمي لهذا.. فالتفسيرات كثيرة... لكن الله تعالى يدفعُ بالإحسانِ الكثير من البلاء. واللهُ تعالى هو القائل {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (الرحمن:60). ورسولهُ عليهِ الصّلاة والسّلام هو القائل: ((من يسَّرَ على مسلمٍ يسَّر الله عليهِ في الدّنيا والآخرة، ومن أعانَ مسلماً أعانهُ الله)). ولذلكَ اجعل من إحسانكَ إلى المسلمينَ، ومن عفوكَ عن المسلمين، ومن إصلاحكَ بين المسلمين، ومن الإنفاق على المسلمين، ومن إعانة المسلمين، جسراً تنالُ بهِ السّعادة.
إخوتنا الكرام، ليس هناكَ شعور أعظم من الشّعور الذي يحدث عندَ الإنسان بعدَ الإحسانِ إلى غيرهِ إذا أحسنَ لوجهِ اللهِ عزَّ وجلّ. ليسَ هناك شعور أعظم من أنْ تُنفِقَ مالكَ على فقير وترى في وجهِ هذا الفقير الابتسامة والرّاحة حينَ تُنفق عليهِ من مالكَ إن كنتَ تقصِدُ بذلكَ وجهَ اللهِ عزَّ وجلّ.
إخوتنا الكرام، بالإيمان والأعمالِ الصّالحة وهي التّقوى وبالإحسانِ إلى خَلقِ اللهِ عزَّ وجلّ وبالرّضا بقضاءِ الله عزَّ وجلّ تُنالُ السّعادة ومن أعظمِ ما يُعين على تحصيلها قول اللهُ عزَّ وجلّ: {... أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرّعد:28). فليُكثر العبدُ إضافة إلى ما ذُكر من ذكرِ الله عزَّ وجلّ.
أقول قولي هذا واستغفرُ الله لي لكم فيا فوز المستغفرين استغفروا الله.
الخطبة الثانية
الحمد لله ربّ العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه والصلاة والسلام على سيدنا محمد وبعد،
إخوتنا الكرام، اللهُ عزَّ وجلّ ما جعلَ الدّنيا داراً مُنكَّدةً مُنغّصةً وجعلَ الخلاص من النّكدِ فيها أمراً مستحيلاً. فقد أنزلَ الله عزَّ وجلّ كتاباً قالَ فيهِ: {... فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ} (طه:123). ولذلك عندما يشعرُ الواحدُ منا بأنَّ عيشهُ ضيّق فلينقب في نفسه، في أعماقهِ. يبحثُ في قلبهِ. أينَ الخللُ عندي؟ ربما كانَ خللي في الإيمان؟ كيف؟ نزلَ بي من اللهِ عزَّ وجلّ من الخير ما لا يُحصى ومن النِعَمِ ما لا يُحصى فنسيتُها كلّها. ونزلَ بيَ البلاءُ يوماً فسخِطتُ من الحياة. أنظر إلى نِعَمِ الله عليك ما أكثرها! لمَ تنسى نعمَ اللهِ عزَّ وجلّ ولا تتذكّر إلا البلاء والسّخط! ثمّ ربما كانَ الخللُ عندي في عَدّي البلاءَ بلاءً وفي عدمِ عدّ البلاء نِعمة! والبلاءُ من أجلِّ النِّعَم. إذ غايتُكَ أنْ تنالَ رضا الله وأنْ يغفر لك الله عزَّ وجلّ ذنوبكَ جميعا. وبالبلاء تُغتفرِ الذنوب. وبه ينالُ الإنسان الجنّة. تُراجِعُ أعمالكَ فإن وجدتَ فيها أعمالاً طالحةً فاعلم أنّكَ إنَّما أُتيتَ من قبلها. لأنَّ النّاس إنّما يُعذّبونَ بذنوبِهم.. وحتى هذا العذابُ النّاتج عن الذنوب جزء من رحمةِ اللهِ عزَّ وجلّ لأنَّ العذاب بالذّنبِ يُكفّر الذّنب إن شاء الله. إنتبه إلى ذنوبكَ لأنَّ الله عزَّ وجلّ يقول: {... فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ... } (الأنعام:6). ويقول: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ... } (العنكبوت:40). فاحذر من الذنوب والمعاصي. ثمّ أحسِن إلى عبادِ الله عزَّ وجلّ يُحسِن الله تعالى إليك.
وتُنال السّعادة بذكرِ الله عزّ وجلّ
ثمّ لا يُزالُ لسانكَ رطباً من ذكر الله، الذِّكر باللسان أمرهُ سهلٌ جداً. يستطيع الإنسان أنْ يجلس في بيتهِ أو أن يسير في الطّريق يقول: سبحان الله... أو لا حول ولا قوة إلا بالله... أو إنّا للهِ وإنا إليه راجعون... أو ما شاء الله لا قوة إلا بالله... أو سبحان الله وبحمده... يستطيع أن يدعو الله تعالى المرات التي يريد. وكلّما أكثر العبدُ من ذكر الله عزَّ وجلّ كلّما زادت الطمأنينةُ في قلبهِ. والطّمأنينة رُكن السّعادة الأساسي، قالَ اللهُ تعالى: {... أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرّعد:28). تجد النّاس مشغولين في ذكر غير الله الامر الذي يورث الهمّ.. بدلا من انشغالهم بذكر الله، فإذا ما أكثرنا من ذكرِ الله عزَّ وجلّ، وإذا ما التزمنا الطّرق التي تُنال بها السّعادة أمكننا أن نقضيَ ما بقي من عُمرنا إن شاء الله في حالةٍ من الرّضا والرّضوان وحالة من الطمأنينة..
إنّ الله وملائكته يُصلُّونَ على النَّبيِّ، يا أيُّها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلُّموا تسليما...
أدعية...
الجمعة 11-3-2011 الموافق 6 ربيع الآخر 1432 هـ.
خطبة الجمعة في مسجد البيان، جت المثلث.
الموضوع: من طرق تحصيل السّعادة في الإسلام
للشيخ الأستاذ احمد بدران. للإستماع إلى الخطبة إضغط هنا