من نحن: موقع السلام 48 لكل العرب ، هو موقع ومنتدى اخباري ، ترفيهي معلوماتي، الموقع الاول لقرية جت المثلث التي تقع في محافظة حيفا الإسرائيلية(قعر جبال نابلس) الذي يعرض ونقل لكم الاخبار بشكل آخر ويعرض لكم اهم واجدد الاحداث المحلية والعالمية والإخبارية والترفيهية والثقافية ويعرض لكم اجدد الافلام والمسلسلات والاغاني العربية وغيرها واسس هذا الموقع عام 2009 وقد حرص موقع السلام 48 طوال مسيرته إلى تقريب المسافات بين البلدان العربية وذلك بإجتماعهم في موقع لتبادل المعلومات العام والعالمية والمحلية. ويشارك في منتدى السلام 48 اكثر من 6000 عضو. ترقــــــــــبوا قريباً موقع السلام 48 على النطاق الجديد
إستمعوا إلى خطبة "وقفة صادقة معَ النَّفس" لشيخ احمد بدران 2011/5/20
كاتب الموضوع
رسالة
alslam48 طاقم الاشراف والرقابة العامة
الجنسية :
فلسطين Palestine
عرب 48 (إسرائيل)
عدد المساهمات : 6625
بطاقة الشخصية الرمان: (100/100)
موضوع: إستمعوا إلى خطبة "وقفة صادقة معَ النَّفس" لشيخ احمد بدران 2011/5/20 5/27/2011, 11:03 pm
التاريخ: الجمعة 20-5-2011 الموافق 18 جمادى أول 1432 هـ. خطبة الجمعة في مسجد البيان، جت المثلث. الموضوع: وقفة صادقة معَ النَّفس للشيخ الأستاذ احمد بدران.
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُهُ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدهِ الله فلا مُضلَّ له ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ سيدنا محمداً عبده ورسوله. أوصيكم ونفسي عباد الله بتقوى الله العظيم وطاعته، وأحذّركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره أو نهيه، لقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} (الجاثية:15).
مراجعةُ: السائر والطَّريق
أما بعد، فإنَّهُ ينبغي للمُسلمِ بينَ الفَيْنَةِ والأخرى أنْ يُراجِعَ نفسَهُ، ويُراجِعَ طريقَ سيْرهِ إلى اللهِ عزَّ وجلّ، حتى يضمنَ لنفسِهِ الجنَّة. يُراجِعُ نفسَهُ طاعةً لأمرِ اللهِ عزَّ وجلّ القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ...} (الحشر:18). والخِطابُ للمؤمنين، وأوائِلُهُم أبو بكرٍ وعمُرَ وعثمانَ وعليّ. المطلوب: أنْ يُراجِعَ الإنسانُ المسلمُ نفْسَهُ، ويُراجِعُ خطَّ سيْرِهِ إلى اللهِ عزَّ وجلّ. مُراجعةٌ في النَّفسِ والطَّريق. وهذهِ المراجعة، إنَّما تجري عندَ المسلمِ في ظِلِّ ثوابتِ العقيدةِ والفِكر. المسلمُ يعلم كما بيَّنَ لهُ اللهُ عزَّ وجلّ أنَّهُ إنَّما يعيشُ ساعاتٍ معدودة في هذهِ الدُّنيا إلى أجَلٍ مُسمَّى كتبَهُ اللهُ عزَّ وجلّ. ويعلمُ أنَّهُ حينَ يأتي الأجلُ سينتقلُ إلى دارِ البرزَخ. ويعلمُ بعدَ ذلكَ أنَّ هناكَ نفخٌ في الصّور، وأنَّ هناكَ بعْثٌ، وأنَّ هناكَ حِساب، ثمَّ يعقُبُ ذلكَ إمّا جنَّة خالداً فيها أبدا وإمّا نار خالداً فيها أبدا. المسلمُ يعلمُ أنَّ هذهِ الدُّنيا دارَ مَمَر وليست بدارِ مَقَر. هذهِ الدَّار طريقٌ إلى الآخرة.
الإنسانُ لديه قابليَّةُ للتَّغيُّر
من ثوابتِ الفِكْرِ إخوتنا في الإسلام أنَّ الإنسانَ فيهِ قابليةٌ للتَّغيُّر. لذلكَ حينَ قالَ اللهُ عزَّ وجلّ: {...إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ...} (الرَّعد:11) علَّمنا اللهُ عزَّ وجلّ أنَّ الإنسانَ يستطيعُ أنْ يتغيَّر. {حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، معنى ذلكَ أنَّ الإنسان فيهِ قابلية للتَّغيُّر.
والذي ينظُرُ إلى واقِعِنا، ويُحاولُ فهمَه منَ النَّظرِ إلى نفسِهِ، أو النَّظرِ إلى غيرِهِ، أو سماعِ أحكامِ النّاس بعضِهِم على بَعض، يعجَبُ حينَ يُلاحِظُ اجتماعَ النَّاس على فكرةٍ مُفادُها، أنَّ النَّاسَ يستمعونَ إلى الوعْظِ وإلى الإرشادِ وإلى العِلمِ ولكنَّهُم لا يتغيَّرون. يقول قائلنا: يأتونَ إلى المسجدِ يومَ الجُمُعة ويَخرُجونَ منهُ كما دخلوا. وكأنَّ كلُّ واحدٍ منَ النَّاس مُبرمَجٌ على جملةٍ منَ الأفعالِ والأفكارِ والأقوالِ لا يحيدُ عنها أبدا. يدخلُ المسجدَ وهوَ يرتكبُ الحرام، ويخرجُ من المسجد وهوَ يرتكبُ ذاتَ الحرام. يدخلُ المسجدَ آكلاً للرِّبا، ويخرُجُ منهُ آكلاً للرَّبا... بل مُصرّاً على أكلِ الرِّبا. يدخلُ المسجدَ لا سمحَ الله كاذباً ويخرجُ منهُ كاذبا - أقصد يتَّصِف بخَصلَة الكَذِب -.
هذهِ حقيقة يكاد يُجمِع عليها جميع الحاضرينَ في هذا المسجد. النَّاس - سُبحانَ الله - على الرَّغمِ من كثرةِ سماعِهم للمواعظِ والدّروسِ وغيرِها كأنَّهم لا يتغيَّرون. انتهى! تخندَّقَ كلٌ منهم وأُغلِقَ على ما يعلَمُهُ. عندَهُ ثوابت، هذهِ الثَّوابت لا تتغيَّر. نفرض جدلاً مثال من الأمثلة التي عِشناها في هذا المسجد وغيرِهِ منَ المساجد، حيثُ وُحِّدَت خُطبةُ الجمُعَةِ يوماً في مساجد البلدة للحثِّ على صلاةِ الجماعةِ وخاصةً صلاة الصُّبح. أنا أعلمُكُم الآن أنَّ الذينَ يُصلُّون الصُّبح في المساجد تناقصوا بعدَ الخُطب!
إخوتنا الكرام، إنَّ بحث التَّغيُّر خطير جداً. لماذا؟ لأنَّنا سائرونَ إلى اللهِ عزَّ وجلّ، واللهُ تعالى يعلمُ الجهرَ وما يخفى. لا تخفى عليه منَّا خافية. وفي القريبِ العاجلِ سنقفُ بينَ يديهِ وسيسألنا: {حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (النَّمل:84). بماذا نجيب يا إخوتنا الكرام؟ ماذا كنتم تعملون في الدُّنيا؟ {...أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} (الملك: 8 بلى، قد جاءنا النَّذير. من هو النَّذير؟ محمد بن عبد الله صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم. ما الّذي أتانا بهِ؟ كتاب من عند الله.
نحنُ بحاجة - يا إخوتنا- أنْ يقفَ الإنسانُ منّا معَ نفسِهِ موقفاً صادقاً للحظةٍ واحدة. وإن لم يتمكَّن بذاتِهِ يستطيع أنْ يستعينَ بغيرِهِ من الإخوة المُخلصين. يقول له: "يا أخا الإسلام، أنتَ أخي في اللهِ عزَّ وجلّ، أخبرني بذنوبي وأخطائي. أخبرني بزَلَلي". أو اجلس مع نفسِكَ وقل لنفسكَ مثلا مما تعرِفُهُ من ثوابتِ الإسلام: "أنا مسلم، هل كل كلامي صِدق ليسَ فيهِ كَذِب؟" إنْ أجبتَ نفسكَ فيهِ كَذِب؛ أنتَ بحاجة إلى تغيير وإلى مراجعة جادّة. لماذا؟ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلّ يقول: {... لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} (آل عمران:61). واللعنةُ طردٌ من رحمةِ الله عزَّ وجلّ. وأنتَ تعمل لتنال رحمةِ الله عزَّ وجلّ. معنى هذا أنَّ في سَيْرِكَ، في سلوكِكَ، ما يُخالفُ الرَّحمةَ التي تبتغيها. إذاً يجب أنْ تتخلَّى عن هذهِ الخَصلة السَّيِّئة. لا أعني بذلكَ أنتَ، أعني بذلكَ نفسي، أنا أيضاً يجبُ أنْ أُراجعَ نفسي. أُراجِع نفسي. هل بي منَ الغَدْرِ أمرٌ لا يُحِبُّهُ الله عزَّ وجلّ ولا يصلُح في دينِنا الغدر. هل هذهِ الخَصلة موجودة عندي؟ اذن أدَعُها. هل انا مُقصِّرٌ في طاعةِ اللهِ عزَّ وجلّ؟ هل أرتكِب المُحرَّمات؟ هل أعِدُ النّاس فأخلِفَ المواعيد؟ هل أعِدُهُم بسدادِ الدُّيون فلا أفي. هل أنظر إلى المُحرَّمات؟ يا أخي راجع نفسك. من منا يعجَزُ عن معرفةِ نفسِهِ؟ وإنْ كانَ أحدنا عاجزاً عن معرفةِ نفسِهِ فيستطيعُ أنْ يستعينَ بغيرِهِ من إخوتِهِ المخلصين. يقول له: "يا فلان، ترى ما هي الإخطاء التي تعلمُها؟ أرشدني بربِّكَ وجزاكَ اللهُ خيراً لأنَّني أُريدُ أنْ أُعِدَّ نفسي بتزكيتِها وإصلاحِها اليوم قبلَ أنْ أقفَ بينَ يديِ الله في ساعةٍ ليسَ فيها مكانٌ للنَّدَمِ". ماذا أقول لرَّبي يومَها؟ أقول: {... رَبِّ ارْجِعُونِ(99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ...} (المؤمنون:99-100). فيُقالُ لي: كلا، أنتَ من هناكَ جئتَ يا فُلان.
"قد أفلح من زكّاها"
أنا وأنتَ يا أخا الإسلام اليوم نعلمُ يقيناً أنَّنا سائرونَ إلى اللهِ عزَّ وجلّ. ونعلمُ يقيناً أنَّنا سنقِفُ بينَ يديِ اللهِ عزَّ وجلّ يُحاسِبُنا على كلِّ كلمةٍ وفِعل وعلى كلّ حركة وسكَنة. ونعلمُ جميعاً أنَّنا أُمِرْنا بإصلاحِ أنفُسِنا وأُمِرنا بالعمل على تزكيةِ أنفُسِنا. واللهُ تعالى مدحَ الذينَ يعملون على اصلاح أنفسَهُم. قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى} (الأعلى:14). وقال: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} (الشَّمس:9). وقال: {... وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ...} (فاطر:18). نحنُ مأمورون بتزكيةِ أنفسِنا وتطهيرِها بتخليَتِها وتحليَتِها. تخليَتِها من كلِّ ما لا يُحِبُّهُ اللهُ ويرضاه. وتحْليَتِها بكلِّ ما يُحبُّهُ الله ويرضاه. نزع كل صفة سلبيَّة في هذهِ النَّفس. وزرع صفة مقابلة طيِّبة مكانها تُرضي الله عزَّ وجلّ. التَّخلُّص من كلِّ معصية نرتكِبُها والإقامة على طاعةِ اللهِ عزَّ وجلّ.
السُّؤال: إلى متى؟ إلى متى يظلُّ كلٌ منّا واقفاً في مكانهِ مُصرّاً على معصيةِ اللهِ عزَّ وجلّ وهوَ لا يدري إنْ كانَ مكتوباً غداً...! في الأحياء أم في الأموات. نحنُ بحاجة يا إخوتنا إلى مراجعة. والله عزَّ وجلّ قد عاتبَ الصَّحابة الكرام فقال لهم: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْوَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد:16). وُجدت فينا قسوة القلوب. تحجَّرت قلوبُنا على أفعالٍ معيَّنة، وعلى مناهجَ معيَّنة، وعلى أفكار معيَّنة، وعلى أقوال مُعيَّنة، وكأنَّنا أُغلِقنا على نهجٍ في السَّير ما أظنُّه يُنجّي عندَ الله عزَّ وجلّ. وهذهِ هي الحقيقة. نحنُ لسنا على الطَّريق الذي يُنجّي عندَ الله عزَّ وجلّ. وإنْ شئتَ أنْ تعلمَ الطَّريق فالطَّريقُ بَيِّن. ما أسهلَ طريقَ الجنَّةِ وأيسرَها. طريق الجنَّة: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التَّوبة:100). وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ: بدون قيود وبدون شروط. وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم: فيها قيد، بِإِحْسَانٍ. فإذا كنتَ مُتَّبعاً للمهاجرين والأنصار بإحسان، سائراً على دَرْبِهم، آتياً بمثلِ عباداتِهم، مُتحلِّياً بمثلِ أخلاقِهم، قائماً بمثلِ أفعالِهم، فأنتَ على الدَّربِ إن شاءَ الله. أنتَ على الطَّريق. ولا تترك الشَّيطان يضحك عليك ويقول لك: هم صحابة وأينَ نحنُ من الصَّحابة. أي بحث هذا يا أخي؟ البحث ليس هذا! وليسَ على هذهِ القاعدة ينبني البحث. وإنَّما البحث ينبني على: هل تغيَّرَ اللهُ الذي أنزلَ القرآنَ على الصَّحابة؟ الجواب: سبحان من يُغيّر ولا يتغيَّر. السؤال الثَّاني: هل تغيَّرَ القرآنُ والسُّنَّة اللذَيْنِ كُلِّفَ بهما الصَّحابة؟ الجواب: كلا. هل تغيَّرت الآخرة التي حُذِّرَ الصَّحابةُ منها وطُمِّعوا فيها؟ لم تتغيَّر. إذا انتهى! معالم الطَّريق بيِّنة. أنا – اذا - الذي يجب أنْ أتغيَّر. اللهُ لا يتغيَّر، ودينُهُ لا يتغيَّر، والآخرةُ لا تتغيَّر. لكنَّ اللهَ تعالى ملَّكَني نفسي، استمع جيِّداً، وجعلَ الهُدى بيدي، بفضلِ اللهِ نَعَم، وبرعاية الله نَعَم، لكنَّ اللهَ تعالى جعلَ الاهتداء سلوكاً إيجابيّاً يقومُ بهِ الإنسانُ المسلمُ باختيارِهِ. قالَ تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (الإنسان:3). وقال: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ...} (الكهف:29). أنتَ تؤمنُ باختيارِكَ، وتكفرُ - لا سمحَ الله - باختيارِكَ. تصلِّي باختيارِكَ وتترُكِ الصَّلاة باختيارِكَ. تنظُرُ إلى الحرامِ باختيارِكَ، وتسرِقُ باختيارك. وهذا كله يقع ضمن قدرة الانسان. وأنتَ تعلمُ أنَّ ما يصدر منكَ خارجاً عن قُدرتكَ وطوقِكَ فالله تعالى لا يُحاسبكَ عليهِ يوم القيامة. الله تعالى لا يكلِّفُ نفساً إلا وُسعها. وعلى ما فعلتَ مما في وُسْعِك يسألكَ يومَ القيامة. يقول لك: يا عبدي، حرَّمتُ عليكَ الكذِب. وكانَ بمقدورِكَ أنْ لا تكذِب. فلمَ كذَبت؟! تقول: ما كذبت يا رب. يأتي الملائكة ومعهم الصَّحائف كمدِّ البَصَر. كذبتَ يومَ كذا، وكذبتَ يومَ كذا... ثم يقال لكَ: أتُنكِرُ شيئاً من هذا؟ والله يا ربِّ لا أُنكِر. وإنْ أنكرت يُشهدُ اللهُ تعالى عليكَ لسانَكَ، وسمعَكَ، وبصَرَكَ، وجِلْدَكَ، وأطرافَكَ... فليسَ هناك حاجة لشهود من خارج. {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النّور:24). {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (فُصِّلَت:21). يشهدُ عليكَ جِلدُكَ يا أخي. تشهدُ عليكَ الأرض التي تُخرِجُ يومَ القيامةِ أثقالَها وتُحدِّثُ أخبارها فتشهدُ بما فعلَ العبدُ عليها.
تركُ الغُرور
إخوتنا الكرام، نحنُ بحاجة إلى مراجعة جادَّة يقفُ الإنسان منّا فيها معَ نفسِهِ وقفة جادة، يقول لنفسِهِ: إلى متى؟ إلى متى أظلُّ مغروراً باللهِ عزَّ وجلّ. طامعاً في عفْوِهِ وأنا لستُ أقومُ بما ينبغي أنْ أقومَ بهِ لأجلِ نيلِ عَفْوهِ. وما هوَ الغُرور؟ الغُرور: أنْ تعملَ على غيرِ طريقِ النَّجاةِ... كي تنالَ النَّجاة؟! أحدهم يجلس في البيت طيلة اليوم، يشاهد الحلقات التلفزيونيَّة، يقول لك: أنا طامعٌ في الفِردَوْس الأعلى! طريق الفردوس حلقات التلفزيون! طريق الفردوس معروف. طريقُهُ: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (الذّاريات:17) ليسَ على التلفزيون... في الصَّلاة! والبكاء! {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ(الذّاريات:18-19). {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا(63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا(64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} (الفُرقان:65) عبادُ الله عزَّ وجلّ مؤمنون! محمد بن عبد الله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام وأصحابُهُ الكرام، الّذين كانوا يبيتون لله سُجَّداً وقياما.. صحابةُ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم، الذين إذا ارتكب أحدهم الخطأ أو المعصية في السَّنة مرّة يظن أنَّهُ أجرمَ جريمةً لا غُفرانَ لها.
بابُ التَّوبة مفتوح
إخوتنا الكرام، ما أقولُهُ لا يدعو إلى اليأس، ولا إلى الإحباط، ولا يظُنَّنَّ مسلمِ بأنَّهُ عاجز. ترى بعضَ الإخوة هنا، يقول في نفسهُ يوماً بعد أنْ سمِعَ موعظةً أو عبرةً في قصّةٍ: "أنا بعد اليوم لا يُمكن أنْ أنظرَ إلى حرام". ثمَّ يحدثُ معَهُ بعدَ هذا اليمينِ بساعة أنْ ينظُرَ إلى حرام. ثمَّ يستغفر مرةً أخرى، ثمَّ يعِدُ نفسَهُ بأنَّهُ سيمتنع مرة أخرى عن الحرام، وهكذا، يظلّ يعِد نفسُهُ ولا يفي بالوَعد. أقول لهذا الأخ الذي يعِدُ نفسَهُ بتركِ الذنبِ ثمَّ يعودُ إليهِ، ثمَّ يُعاهِدُها مرةً أخرى على تركِ الذنبِ ويعود إليه، ثمَّ يُعاهِد ثمَّ يرجِع، هذا إن شاءَ الله على خير يا إخواننا. تعرفون لماذا؟ لأنَّ هذا الإنسان عبدٌ يُجاهدُ نفسَهُ في طاعةِ اللهِ عزَّ وجلّ. غير مُستسلِم للشَّيطان، هذا مُصِرٌّ على الوصولِ إلى عفوِ اللهِ عزَّ وجلّ وإلى مغفِرَتِهِ. وفي الحديث: قَالَ: ... سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((إِنَّ رَجُلا أَصَابَ ذَنْبًا، فَقَالَ: رَبِّ، إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: عِلْمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَيَأْخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، قَالَ: ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ، فَقَالَ: رَبِّ، إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رِبًا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِهِ، فَقَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ، فَقَالَ: رَبِّ، إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَبْتُ ذَنْبًا، فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ)).
أنتَ عندما تعزِمُ السَّيرَ إلى اللهِ عزَّ وجلّ لا بُدَّ أنْ تكونَ هناكَ خِصالا تتَّصف بها وأفعالا تقوم بها يصعُبُ عليكَ تغييرُها. لماذا؟ لأنَّ أشقَّ شيءٍ على النَّفس والمجتمعِ تغييرهُ ما اعتادَ النَّاسُ عليه. العادات تغيّيرها صعب! مثالٌ عمليّ: أحدنا عندما يريد أنْ يركع لا يرفع يديه قبل الرّكوع ولا بعدَهُ. قد يحتاج الى سَنَة حتى يعتاد على رفع اليدين قبل الركوع وبعده. سنة حتى يعتاد. وذلك لصعوبة تغيير العادات.
وينبغي للمسلم أنْ يرسِم معالم طريقِ سيرهِ إلى الله:
اولاً: أنا لن أظلَّ قابعاً في مكاني. وإنَّما سأسيرُ سيراً تصاعدُيّاً إلى اللهِ عزَّ وجلّ. وهذا السَّير يقتضي منّي أن أتعلم علما أعرف بهِ الحقَّ منَ الباطل. ويتطلب ثانيا: إرادة رجال وعزم رجال، يُعينانِ على قطعِ الطّريق إلى اللهِ عزَّ وجلّ بالتَّخلص من كل صفةٍ سلبيّة.
أحوالنا يا أحبابَنا ليست أحوالا مناسبة ليومِ القيامة. المراجعةُ علينا واجبة. لأنَّ اللهَ تعالى أمرَنا بهذا، وأمرنا أنْ لا ندَعَ قلوبَنا تقسو، وتعتاد عادات معيَّنة، "نتبرمجُ" عليها ثمَّ يصعبُ علينا بعدَ ذلكَ أنْ نغيِّرها. وللإخوة العازمين على التَّغيير أقول: قال الله عزَّ وجلّ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْوَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا...} (الحديد:16-17). انت خُلِقت من الأرض، فإنْ كانَ قلبُكَ ميِّتاً فاللهُ تعالى يَملِكُ أنْ يُحْيِيَهُ بعدَ موتِهِ، فكيفَ إذا كانَ قاسياً؟!. معنى ذلك التَّغييرُ إذا كانَ قاسياً أسهل. وفي هذا إشارة إلى أنَّ الإنسان فيه قابلية للتَّغيُّر.
إخوتنا المراجعةُ ليست عيباً. بل هي من أعظمِ خصائصِ الرِّجالِ الصَّالحين الذينَ يبتغونَ رِضوانَ اللهِ عزَّ وجلّ. ليسَ عيباً أنْ أُراجِعَ نفسي ثمَّ إنْ عجَزتُ عن معرِفةِ بعض صفاتي السَّلبيَّة أسأل إخوتي: "يا إخوتي ما الّذي ترَوْنَهُ عليّ مما لا يناسبُ طريق الآخرة؟ دلّوني عليه. أرشدوني إليه". ورحمَ اللهُ من قال: "رحمَ اللهُ امرأً أهدى إليَّ عيوبي". ليسَ عيباً. أنتَ تُريد النَّجاح. اجلس مع أخٍ صادقٍ وقل له: "يا فلان، هل أنا مثل أبي بكر الصِّديق؟..." ماذا سيقول لك؟!!! "لستَ كأبي بكر الًّصِديق". حسنا، "أعانك الله، أذكر لي ما الفرق بيني وبين أبي بكر الصّدّيق؟ عدِّد لي... الفروق بيني وبينه". حسنا... قدوتُنا محمدٌ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم... "تراني يا فُلان... مثلَ المصطفى عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام؟" يقول لك: أينَ أنتَ من المُصطفى عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام! المصطفى عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام أتَّهموا زوجتَهُ، وجرحوهُ بالسَّيفِ في وجهه، وكسروا سنّاً من أسنانهِ، شجّوا وجهَ نبيّنا وهو يدعوهم إلى اللهِ عزَّ وجلّ، قتلوا أصحابَهُ... ثمَّ قال له بعضُ الصَّحابةِ يا رسول الله ألا تدعو عليهم؟ قال: اللهم اهدِ قومي فإنَّهم لا يعلمون. أنتَ مثله؟!!! وقد دفعَكَ فلان قبل أربعين سنة وما زلت تحفظُها له!!! أنظر إلى عفوِ رسول الله وإلى عفوِكَ... تجد بَوْنا شاسع بينَ العَفْوَيْن. إذاً يجب أنْ تبذُل جُهُدا على خَصلَة العفو وأن توجِدها عندك. لماذا خَصلة العفو بالذات ؟! لأنَّ الله تعالى يقول: {... وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ...}(النّور:22) كأنَّهُ يقول من عفا وصفح غفَرتُ لهُ يومَ القيامة.
إخوتنا الكرام، لا يخفى عليكم أنَّ أحوالَنا ليست كأحوالِ الصَّحابةِ الكرام. وأنَّ أقوالَنا وأفعالَنا وخِصالَنا ليست كأقوال وافعال وخصال الصَّادقين السَّائرين على طريقِ الله عزَّ وجلّ. نحنُ بحاجة إلى أنْ نُجرِيَ التَّغيّير أولاً عندَ أنفُسِنا. دعكَ من النَّاس وأصلِح نفسكَ أولاً. هذهِ دعوةٌ لكَ ولي بأنْ نعملَ على إصلاحِ أنفسِنا حتى نكون ممن يستحقّون رضوان اللهِ عزَّ وجلّ.
أقول قولي هذا واستغفرُ الله لي لكم فيا فوز المستغفرين استغفروا الله.
حتى تتحققُ الطَّاعة لا بدَّ من العلم أولاً
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حمدَ الشّاكرين، والصَّلاةُ والسَّلام على سيّدنا محمد وبعد،
إخوتنا الكرام، اللهُ عزَّ وجلّ ذكرَ في كتابِهِ قولَهُ: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (النّساء:69). يقول الإمامُ القرطبيُّ في تفسير هذهِ الآية: "فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَيْ هُمْ مَعَهُمْ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَنَعِيمٍ وَاحِدٍ يَسْتَمْتِعُونَ بِرُؤْيَتِهِمْ وَالْحُضُورِ مَعَهُمْ، لَا أَنَّهُمْ يُسَاوُونَهُمْ فِي الدَّرَجَةِ؛ فَإِنَّهُمْ يَتَفَاوَتُونَ لَكِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ لِلِاتِّبَاعِ فِي الدُّنْيَا وَالِاقْتِدَاءِ". أي إذا أطاعَ العبدُ اللهَ عزَّ وجلّ ورسولَهُ، أمكنَ أنْ يكونَ يومَ القيامةِ معَ النَّبيِّين والصِّدّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالحين حتى وإن لم يكن في مرتبتِهم. يزورُهم ويراهم ويرَونهُ يومَ القيامة. وجعلَ اللهُ تعالى طريقَ النَّجاةِ بيدِ العبد. قاعدتُها سهلة جداً، المطلوب منّي ومنك، أنْ نُطيعَ اللهَ عزَّ وجلّ ورسولُهُ في ما أمرانا بهِ بتنفيذِ الأوامرِ وتركِ النَّواهي. وقد روى الإمامُ البُخاريُّ رحِمَهُ اللهُ عزَّ وجلّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟، قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى)). ما معنى: من يُطِع الله والرسول؟... معناها: يجب أنْ تعلَمَ ما الذي يُريدُهُ منكَ اللهُ ورسولُهُ أنْ تقومَ بهِ، وما الذي يُريدانِ أنْ تمتنعَ عنهُ، ثمَّ بعدَ المعرِفةِ تأتي الطَّاعة. يجب أنْ تعلمَ الطَّريق أولاً ثمَّ تسيرُ فيها. يجب أنْ تعلمَ الواجبات أولاً ثمَّ تنفِّذُها. مثال: أرأيت لو أنَّ كافراً من أوروبا مثلا أسلمَ بالأمس، هل يستطيع هذا الذي أسلمَ بالأمس أنْ يَحُجَّ بيتَ اللهِ الحرام دونَ دراسةِ مناسكِ الحج؟ الجواب: كلا، قولاً واحداً... فيجب أنْ تعلمَ أولاً ما أوجبَ اللهُ عليك، وأنْ تعلمَ ما حرَّمَ اللهُ عليك، فتأتي بالأولِ وتترك الثَّاني. فالطَّريق مُيسَّر على من يسرَّهُ اللهُ عليه.
يحتاج الامر مني ومنك إلى وقفة جادَّة نُعلِنُ بعدَها التَّوبةَ الصّادقةَ إلى اللهِ عزَّ وجلّ، ونُعلِنُ أنَّنا - من هذهِ اللحظة - سنسير الى الله عز وجل بالعلمِ والعمل رجاء أن نكون يوم القيامة مِمَّن يقال لهم: {... طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} (الزّمر:73). ونكون ممن سعِدوا بإصلاحِ أنفُسهِم في الدُّنيا حتى استحقوا جوارَ الرَّبِّ جلَّ جلالُهُ في جنَّاتٍ تجري من تحتِها الأنهار.
ان هذا الأمر بيدِك... إياكَ ثمَّ إياكَ أنْ تُهمِلَ شأنَ نفسِكَ أو أنْ تُسوِّفَ والتَّسويفُ من الشَّيطان. تقولُ غداً أفعل وبعد غد أفعل... أترك هذا... فالمعالجةُ الصَّحيحة تبدأ من اليوم. أولاً أدرُس واقعَ نفسِكَ، أنظر أينَ انتَ من طريقِ الصَّالحين، ثمَّ صحِّح المسار، هذا هو المطلوب. ومن تابَ تابَ اللهُ عليهِ. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ...} (التَّحريم:. انتهى. إذا تابَ العبد قَبِلَ اللهُ عزَّ وجلّ توبَتَهُ إنْ كانت صادقة وجعلَهُ إن شاءَ الله من أهل الجنَّة.
أسألُ الله عزَّ وجلّ أنْ يوفقني وإياكم لمراجعة النَّفسِ ومحاسبتِها والسَّير على طريق المصطفى صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
إنّ الله وملائكته يُصلُّونَ على النَّبيِّ، يا أيُّها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلُّموا تسليما...
أدعية...
إستمعوا إلى خطبة "وقفة صادقة معَ النَّفس" لشيخ احمد بدران 2011/5/20