الضباب يلف محيط خصرك

الضباب يلف محيط خصرك
فجأة

وبدون مقدمات

رغبت أن أشم شعرك

أو هواءك

أو أتحسسك

في كل المواقع العشرين

وما بين الشفتين والأذنين

وأين ينثر الدر على الياسمين

كنت نائمة

تلقين بثقل السنين في الصدر

والأنفاس

مددت يدي وحركتها

حركات دائرية خفيفة

فلم ألمس فيك

إلا قطعا باردة من النحاس

وثراء قديم

ورائحة غابرة.

لقد كنت يا حبيبتي

كالجثة الهامدة

وكان الصقيع يغطي أذنيك

وسفن العيون

وما بين الخلايا وتحت العظام

وفي الزفرات

وفي المهجة

وبين الفقرات

************

في ذاك النهار الدافيء

منذ أعوام

اقتطعت نصف قلبي

وأرسلته لك

مع طابعي بريد

لم يسألني الموظف عن محتويات الطرد

قابل للكسر، هذا كل ما قلته له

**********************

تحسست فيك كل المواقع

لعلك تشعلين فيّ الثورة

ثانية

لكنك كنت قطعة من الجليد المخدر

والصخر المتألم

والقماش البالي.

***********************

في الشارع المعتم كنا نسير

معا

تحملنا الآمال والبشائر

وعلى جسر الشوك خطرنا

****ظارالسرور والنصر

أما اليوم

وبعد هذا الركام من السنين

فلا جذوة ولا نار

****************

دفعتك إلى الأمام لأنظر محيط خصرك

فلم أجد إلا الضباب يلف المحيط

تأملت الدوائر والثنايا

والجبال والسهول

فلم أجد الدروب

لكني وجدت شواهد القبور

**********************

استقبلت يومي بالبشر

فاليوم يوم عيد

عيد الثورة

وتوقعت ما لم يحصل

توقعت أن تداعبي شعري

أو تبتسمي في وجهي

أو تربتي على كتفي

أو تهللين

بعبارة من سفرجل أو حرير

أو تعدين لي لمرة واحدة فطور الصباح

ولكنني أخطأت.

توقعت في اليوم الثاني

أو الذي يليه

أو الذي تلاهما

ولكن شيئا من ذلك لم يحصل

**************************

توقفت عن الصحو المبكر

والاستماع للأخبار

وأقفلت باب التوقعات

في عيد الثورة

هذا العام

منعوني من كتابة السطر الأول

ومنعوني أن أنثر القبلات

أو أحيي الجماهير

أو أن أصلي كما أشاء

وحظروا علىّ رفع صورة الزعيم

وداسوا أمامي على العلم

ومنعوا الرسائل والحديث

فالحاكم بأمر الله

يحب الظلام

وحوائط الضباب

أطفأ الأنوار

ومنع التلامس

والنظرات والسرور

وحجب الشمس

فأصبحت مكومة كالجليد

وساد الصقيع