"المفاوضات مع محمود عباس لا تبدو مثمرة ولا شك أن الرئيس الأمريكي أوباما يخالف هذا الرأي، ولا يكاد عباس يمثل نصف الفلسطينيين، إذا كان يمثل أحدا، ولا يلوح في الأفق أن شيئا عظيما سيتمخض عن ذلك، والامكانية الأخرى هي الأردن، ولو كانت الأردن على استعداد لاستيعاب المزيد من الأراضي والسكان على حد سواء لكان الأمر سهلا وطبيعيا، غير أن الأردن لا ترضى بهذا الطرح، ولذلك أرى أن بإمكاننا التفكير في خيار آخر ألا وهو أن تتولى إسرائيل تطبيق القانون في على الضفة الغربية، وأن تمنح المواطنة الإسرائيلية لمليون ونصف المليون من الفلسطينيين".
هذه الملاحظات التي يرى فيها الكثيرون دمارا كبيرا لم تأت على لسان دعاة الدولة ثنائية القومية من اليساريين، بل على لسان موشي آرنس الذي كان في السابق ناطقا بلسان حركة "بيتار" اليمينية، وأحد قيادات حزب الليكود والذي أشغل أيضا منصب وزير الجيش والشؤون الخارجية، وكان آرنس في مقال سابق دعا إلى دراسة بدائل سياسية للوضع القائم، وكسر "محرمات" في السياسة الإسرائيلية من خلال منح المواطنة الإسرائيلية لفلسطينيي الضفة الغربية.
ولم يكترث آرنس لاولئك الذين يتهمونه بالترويج لفكرة الدولة ثنائية القومية تضم الفلسطينيين واليهود، بل رد على ذلك قائلا "إن ثنائية القومية في إسرائيل أمر قائم، كما أن فيها تعددية ثقافية وتعددية في القطاعات، وتشكل الأقليات (ويقصد العرب) 20% من السكان وهي حقيقة لا جدال فيها."
منح المواطنة للفلسطينيين بشكل تدريجيوفي مقال نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية باللغة الإنجليزية حول اقتراحات آرنس، يرى الكاتب "نوعام شيزاف" أن شخصيات بارزة في حزب الليكود وفي أوساط المستوطنين تشارك هذا الرأي، فقبل أشهر من ظهور مقالة آرنس كان رئيس الكنيست الإسرائيلي رؤوبين ريفلين قد قال بأنه "يفضل منح المواطنة الإسرائيلية للفلسطينيين على تقسيم البلاد."
وكانت عضو الكنيست تسيبي حوتبيلي من (الليكود) قد نظمت حملة في أيار 2009 في الكنيست تحت شعار "البديل لحل الدولتين"، وطالبت في أكثر من مناسبة بمنح المواطنة للفلسطينيين بشكل تدريجي. وهي الآن بصدد نشر موقفها بهذا الخصوص.
ونشر أوري أليتصور المدير العام لمجلس المستوطنات في الضفة الغربية ومدير مكتب نتنياهو في ولايته السابقة، مقالا قبل سنة دعا في إلى الشروع بعملية تنتهي بمنح الفلسطينيون بطاقة الهوية الزرقاء، ورقما أصفر (للمركبات) وتأمين وطني وحق التصويت في الكنيست.
أما إميلي عمروسي الناطقة السابقة بلسان مجلس المستوطنات والتي تشارك في لقاءات تجمع مستوطنين مع فلسطينيين، فتتحدث صراحة عن "بلد واحد يذهب فيه أبناء المستوطنين مع الأطفال الفلسطينيين في حافلة واحدة إلى المدرسة".
وتوضح "هآرتس" أن الحديث لا يدور حول معسكر حقيقي، وأن النظرية تتخللها ثغرات ولكن ورغم عدم التنسيق بين دعاة الفكرة إلاّ أن الأفكار تتشابه إلى حد بعيد، وتشترك في الرفض القاطع لكافة أشكال الفصل العرقي وفي وجود حقوق سياسية للفلسطينيين، والحديث عن عملية ستتطلب عقدا من الزمن أو جيلا كاملا لإتمامها على أن تنتهي تلك العملية بنيل الفلسطينيين حقوقهم الشخصية بالكامل ولكن في إطار دولة تظل رموزها وروحها ذات طابع يهودي.
وحسب تحليل الكاتب فإن الحديث ليس عن دولة محايدة جميع مواطنيها بلا هوية ولا عن "إسراطين" مع "علم يظهر عليه الهلال مع نجمة داوود"، وإنما يتصور اليمين الإسرائيلي هذه الدولة على أنها تعني "دولة يهودية ذات سيادة لكن في واقع أكثر تعقيدا، ومستوحاة من رؤية الدولة اليهودية الديمقراطية دون احتلال أو تمييز عنصري أو جدران فاصلة.
وفي هذه الدولة –حسب التصور- بحيث يستطيع اليهودي أن يعيش في الخليل ويصلي في الحرم الإبراهيمي، كما يستطيع فلسطيني من رام الله أن يكون سفيرا وأن يعيش في تل أبيب أو ببساطة يتناول البوظة على شواطئ المدينة".
ترجمة معا